22
13

سنة..سنة ... حتى النخاع / عبد اللطيف زكي أبو هاشم

تاريخ النشر : 15 أكتوبر 2015 - 21:34:05 م

سنة..سنة ... حتى النخاع

 

بقلم: عبد اللطيف زكي أبو هاشم 1

 

كنت أريد كتابة هذه المقالة ،قبل أسبوع أو أكثر، ولكن كثرة الأعمال والأعباء المكلف بها حالت دون ذلك. وقد قَّدر الله وما شاء فعل.

لقد ذهلت حينما قرأت في "دنيا الوطن" خبراً مفاده: أنه تم تأسيس المجلس الشيعي الأعلى في فلسطين ، وأنهم سيقومون ببناء مسجدٍ خاص بالتشيعَ ، وأنهم سيقومون عاشوراء في فلسطين ثم الذي أذهلني أكثر، جرأة مؤسس هذا المجلس التي وصلت إلى درجة أتجاسر أن أقول : أنهاخارجة عن حدودها ، جرأة على أهل السنة في جميع أرجاء فلسطين . وتجرأ على تاريخ الإسلام والمسلمين أيضاً. ولم استغرب انسحاب الأخ المؤسس للمذهب الشيعي في فلسطين ، وتراجعه لدرجة كبيرة بلغت 360 درجة وليس مائة وثمانين 180 درجة. انحراف كبير وتخلي عن جميع الآراء . وهذا إن دل فلا يدل على عقلية سوية ، عدا عن عقلية إسلامية.

وفي هذه السطور أريد أن أوضح بعض النقاط الهامة لجذور تلك الفكرة ، ثم أبين طبيعة الانتماء السني لأهل فلسطين خاصة وأغلب أهل الشام والعالم العربي عامة.

أولاً: إن أهل فلسطين من المرابطين على مدار التاريخ هم من أهل السنة. ولم تنجح دعوة مذهبية أخرى للنمو والتواجد في فلسطين . حتى المذاهب الأقرب لأهل السنة.

ثانياً: الدعوة إلى تأسيس مجلس للشيعة والشيعَ هو خروج عن إجماع الأمة ، وتكريس للتفرقة والانحراف عن الجادة .

ثالثاً: إننا أهل السنة نرجوا ونرغب لأصحاب المذاهب الأخرى بأن يكونوا مثلنا (أهل سنة)، فإن امتنعوا من الالتحاق بنا فنحن نعتز بأنفسنا، ونعتز بوسطيتنا وسنننا. ومع ذلك فنحن نعذر أهل التشيع ولا نكفرهم، ونعتقد بأنهم مسلمون على الرغم من استنكارنا لبعض الآراء والأفكار والمعتقدات لديهم.

رابعاً: نحن أهل السنة نشكل عامة المسلمين في جميع أرجاء العالم ، ونتمنى لهم بأن يكفوا عن سبابنا واتهامنا وأن يرجعوا إلى كتبهم ومصادرهم ، ويقوموا بغربلتها وتوثيقها .

خامساً: إننا أهل السنة الوسطيه نحمل فكرة الوحدة لا التفرقة ، والجمع لا التفسيخ، حيث أن اعتقادنا في جميع الصحابة (رضوان الله عنهم) . نجلهم ونحبهم ولا نكفر أحد منهم، ونعذر من أخطأ. ونجل الإمام علي كرم الله وجهه –كما نجل ونعتز بسيدنا أبي بكر رضي الله عنهم. فالصحابة وإن تفاوتوا في المقدار و في ورتبة الصحبة وهذا قول الله فيهم عز وجل "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوا بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعّد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم" (سورة التوبة الآية 100)

وقال تعالى"والسابقون السابقون *أولئك المقربون*في جنات النعيم* ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين" (سورة الواقعة الآيات من 10إلى 13).

يا أخوتنا الشيعة ،بربكم قرأتم ودققتم في سيرة أبي بكر –رضي الله عنه- فإن حصل فكيف يصدر منكم ما صدر في حقه . لماذا لم تضربوا بكتب السباب عرض الحائط. أليس غريباً أن يكون من أهم مصادركم في معرفة الصحابة كتاب "الاستغاثة من بدع الثلاثة لإمامكم وشيخكم المفيد قدّس الله روحه" !!!

سادساً : ماذا تقولون في قول الله تعالى من فوق سبع سماوات :" وإذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن ،إن الله معنا" نسألكم من هو هذا الصاحب؟ أليس أبو بكر رضي الله عنه؟-أليس هو الصديق؟ لماذا انتابه الحزن وساده القلق والّهم، لأنه كان يخاف على رسول الله- رسولنا ورسولكم –محمد صلى الله عليه وسلم –كان يخشي عليه أكثر من نفسه وكان الصديق والله يفديه بنفسه وأبيه وأمه وولده وماله وأعز ما يملك. ومع كل هذه المزايا وتلك المناصب،تقومون بسبابه وتشويه صورته. ونحن نعرف ذلك وقرأناه في كتبكم ومصادركم وهي موجودة في (بحار الأنوار) الذي يحتوي على اكثر من مائة مجلد، وفي الاستعانة للمفيد وفي جميع ما كتب لديكم في الرجال. وعليه فهل ما كتبتوه هو الصواب؟ وإن لم يكن لماذا لا تتراجعون عن هذه الترهات والخزعبلات .

سابعاً: أنتم تعرفون بأن اعتقادنا في علي كرم الله وجهه وفي أولاده وذريته ومناصريه أكثر مما يعتقدون ونحن أولى بعلي –كرم الله وجهه- منكم فنحن الوسط، ونحن الوحدة ،ونحن الشمول، ونحن الرمز لإسلام السني المعتدل طوال التاريخ .

ثامناً: بينما نحن نعتز ونفخر برموزنا ، وأهم تلك الرموز هو الجيل الأول للصحابة رضي الله عنهم. ونظهره بصورته البهية للأمة والتاريخ. أنتم تقومون بتشويه أغلب الرموز في الإسلام. لا يوجد صحابي إلا ولكم فيه مقال ومثلبة ، لقد قرأت بأم عيني ذلك في كتبكم ولم تتحرزوا حتى عن غمز ولمز أمهات المؤمنين بأفظع الصفات.

تاسعاً: لديكم يا أخوتنا الشيعة كثير ، من الأحكام والتشريعات التي خالفت إجماع الأمة ، وقد عذرناكم . حيث يتسع الإسلام العظيم وتشريعه لاستيعابه مختلف الآراء والأفكار . فالإسلام هو مكمن احتواء تلك التشريعات المتباينة ويحترم الاجتهادات ومختلف وجهات النظر.

عاشراً: ندعوكم لأن تنظروا للمستقبل ، وتدعوا ما تركته لكم الأسرة الصفوية ، وما نتج عن فترة حكمها من أدبيات دنيئة ، ومعتقدات فاسدة، وآراء غريبة ولتعلموا بأن مدة الحكم الصفوي من تاريخكم هي من ؟؟ أتعس الفترات،وقد جرَّت عليكم بلاءاً عظيماً وتوجّت كتبكم ومصادركم بوابل من السباب والشتائم لا تليق بالعوام ، فكيف تلقونها على أفضل جيل في تاريخ البشرية

الحادي عشر: إن أزهى عصور الإسلام على الإطلاق ، هي تلك العصور التي وحّد فيها الصفوف وجاهد ودافع عن حقوق البشرية جمعاء لا المسلمين وحدَّهم وهذا ما تشهد به الأعداء، فاليهود يعرفون أن العصر الذهبي لهم هو العصر الإسلامي فماذا تقولون أنتم وأي من العصور أزهاها لكم أسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم ،وأن نكون مع بعضنا البعض في خندق واحد، وتحت راية واحدة، للدفاع عن الإسلام، وفتح بلاد الغربيين ونشر الإسلام وإيصاله للعالم اجمع ،كما هي رسالته للناس أجمعين.

وفي الختام : أقول للأخ رئيس المجلس الشيعي الأعلى فلسطين، عد إلى رشدك ، وراجع عقلك ، وحكم ضميرك بربك : هل أنت مقتنع فيما تدعوا إليه .هل استقرأت كل مذاهب أهل السنة ومحّصتها ، ثم وقفت على أن المذهب الشيعي هو الأحق بالاتباع . أنا لا أظن ذلك و أؤكد لك العكس. فقم وأقرأ وادرس وراجع ودقق فيما تقرأ واستبصر، وستجد أننا نحن الذين كنا على صواب ونحن الأحق بالاتباع، وأهل السنة هم الأجدر بالاتباع والمذاهب السنية هي رمز الوحدة والعدالة، وهي المستقبل للإسلام والمسلمين

ولذلك سنبقى سنة وأهل سنة وعلى مذاهب أهل السنة فنحن تشربنا السنة ونردد باستمرار سّنة سّنة حتى النخاع.


1. مدير دائرة التوثيق والمخطوطات والآثار

وزارة الاوقاف – فلسطين